الشيخ جابر البغدادي: سيرة ذاتية ومسيرة دعوية في حب الله ورسوله
يُعد الشيخ جابر أحمد أحمد بغدادي، الشهير بـ "جابر البغدادي"، أحد أبرز الدعاة المعاصرين في مصر والعالم الإسلامي، حيث اشتهر بمنهجه الدعوي القائم على الحب والوداد، وسعيه لجمع القلوب على محبة الله ورسوله. في هذا المقال، نستعرض سيرته الذاتية، ومسيرته العلمية، وأبرز ملامح فكره ومنهجه.
النشأة والنسب الشريف
وُلد الشيخ جابر البغدادي في 3 يوليو 1977 بمحافظة بني سويف في جمهورية مصر العربية. يتميز الشيخ بنسبه الشريف الذي يمتد إلى آل البيت؛ فمن جهة جده لأبيه، يتصل نسبه بالإمام الحسن بن علي بن أبي طالب، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما من جهة جدته لأبيه، فيتصل نسبه بالإمام محمد بن سعيد البوصيري (المتوفى عام 1295م)، صاحب قصيدة "البردة" الشهيرة في مدح النبي، والتي تُعرف بـ "الكواكب الدرية في مدح خير البرية".
المسيرة العلمية والتعليمية
جمع الشيخ جابر البغدادي بين التعليم الأكاديمي والعلوم الشرعية الأصيلة:
التعليم الأكاديمي: درس اللغة الإنجليزية وآدابها في كلية الآداب بجامعة بني سويف، ثم درس التاريخ الإسلامي في نفس الكلية.
العلوم الشرعية: تتلمذ على يد فضيلة الشيخ الدكتور جودة عبد العليم البكري، أحد علماء الأزهر الشريف، وبعد وفاته، أكمل مسيرته مع ابنه الشيخ عبد العليم جودة البكري.
القرآن والسيرة: حفظ القرآن الكريم مع إتقان أحكام التجويد، ودرس السيرة النبوية المطهرة دراسة مستفيضة على أيدي كبار علمائها بالمدينة المنورة.
التصوف والإجازات: تعمق في دراسة التصوف الإسلامي السني على يد كبار علماء الأمة، ويحمل ما يزيد على 21 إجازة بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في علم التصوف، بالإضافة إلى إجازات في الدعوة والإرشاد وتربية المريدين وفقًا للكتاب والسنة.
المناصب والمسؤوليات
يشغل الشيخ جابر البغدادي عدة مناصب تعكس دوره الفاعل في خدمة الدين والمجتمع، منها:
وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية بمحافظة بني سويف.
مدير عام مؤسسة "القبة الخضراء لإحياء التراث".
عضو نقابة قُراء القرآن الكريم.
شاعر وكاتب صوفي.
منهجه الدعوي: "حي على الوداد"
يتلخص شعار الشيخ ومنهجه في دعوته بعبارته الشهيرة:
"أنا لست عالمًا أو فقيهًا ولا شاعرًا، إنما مؤذن (حي على الوداد) لأجمع الخلق بالحب على الحق، فنحن إلى الحب أحوج من كثيرٍ من علوم فرقت إجماع الأمة."
يرى الشيخ أن الحب هو النداء الأزلي الذي يربط القلوب بالله، مستشهدًا بأحاديث نبوية مثل: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه"، والحديث القدسي: "ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه".
الحب والتوبة في فكره
من أبرز ملامح فكر الشيخ أن الحب هو الغياث الذي يسوق صاحبه إلى الطاعة والتوبة بعد الزلل. فالمحب قد يخطئ، لكن حبه الصادق يدفعه للعودة السريعة إلى محبوبه (الله) خوفًا من غضبه. فالحب دافع قوي للطاعة ودواء للقلب، وهو لا يعني إقرار المعصية، بل هو سرعة المبادرة بالتوبة والرجوع.
من أقواله وحكمه
تتميز أقوال الشيخ بالعمق الروحي والبصيرة الإيمانية، ومنها:
عن المحن: "المحن معارج المنح، والله يعطي حينما يمنع أكثر مما يعطي حينما يعطي، فنحن قوم منعنا عطاء، وعطاؤنا عطاء، ولو كشف الله عز وجل لقلوب السالكين عند المنع عن الحكم، لعلم السالك أن المنع عين العطاء."
عن التبتل: "التبتل هو التخلي عن كل نقص والتحلي بكل كمال... إنه إخلاص في المراد، ودوام للوداد، وزهد في العباد، واستعداد للمعاد... الكمال يقتضي أن تكون غائبًا عن الخلق في الحق، ونائبًا عن الحق في الخلق."
من وصايا شيخه: سأل شيخه يومًا: "من هم السفهاء؟"، فأجابه: "الذين رضوا أن يتنازعوا على ما لا يساوي جناح بعوضة... عاشوا بالدنيا وما ذاقوا حلاوة ما فيها." وحلاوتها هي "الأنس بالله"، الذي يحصل بـ: (ذكر مع حضور، وصحبة عارف، وزهد في الخُلُق).
مؤلفاته
للشيخ جابر البغدادي عدة مؤلفات تعكس فكره ومنهجه، منها:
كنوز الإشارات في أدب السلوك إلى الله (مترجم للإنجليزية).
حي على الوداد.. في مقتطفات السيرة النبوية.
حدثني شيخي.
ألفية ياقوتة الوصايا والحكم.
علمني الحُب.
ديوان قمر الزمان في مدح النبي العدنان (ديوان شعر).
فيض المنان في أحزاب وصلوات الأمان.
نماذج من شعره
قصيدة "تحيا بلادي":
تحيا بلادي بالسلامة والهنا... تحيا بلادي والأمان لمصرنا
لا تحزني يا مصر ففداكِ أنا... يا جنة النيل البديع بأرضنا
مصر المآذن والعلوم وأزهر... بلد الحسين ودار بيت نبينا
موتوا بغيظ لن تهان بلادنا... والمصطفى وصّى بخير جنودنا
خابت ظنون العابثين بمصرنا... فالله حافظها وناصر جندنا
يا مصر لا خوف نراه ولا ضنى... والله بالقرآن حقق أمننا
قصيدة "يا روح روحي":
صلِّ عليك الله يا نورًا بدا... من حضرة الذات القديم وأشرقا
يا روح روحي يا حياتي وغايتي... يا نور أنوار العوالم والبقا
بالباب مشتاقٌ يروم تكرمًا... رفع الحجاب مع الثبات محققا
إني ببابك قد أنخت رواحلي... فأغث برحمات الشفاعة مُعتِقا
أنا لا أُضام وأنت أملي في غدي... يا رحمة الرحمن في يوم اللقا
أنا في حماك ومن سواك يجيرني... إن هالت الأهوال يا بحر النقا